الوظيفة العمومية في الجزائر: شروط التعيين القانونية 2025
الشروط القانونية لتولي الوظيفة العمومية في الجزائر وفق التشريعات السارية لسنة 2025
اشترط المشرع الجزائري على كل من يتقدّم لشغل إحدى الوظائف العمومية أن يكون متمتعًا بالجنسية الجزائرية. وقد أكدت المادة 75 من الأمر رقم 06-03 هذا الشرط صراحةً، حيث نصّت:
"لا يمكن أن يُوظف أي كان في وظيفة عمومية ما لم تتوفر فيه الشروط التالية: أن يكون جزائري الجنسية."
وفي هذا السياق، يشير الدكتور سليمان الطماوي إلى أن "الدولة تفرض جنسيتها لتولي الوظائف العامة لاعتبارات تتعلق بأمنها وسلامتها، ثم أن شغل الوظائف العامة هو مظهر لممارسة السياسة التي ينبغي أن تكون قصرًا على المواطنين دون سواهم."
تعريف الجنسية الجزائرية
الجنسية الجزائرية هي الرابطة القانونية والسياسية بين الفرد والدولة التي ينتمي إليها. وتتميّز هذه الرابطة بطبيعتين:
- الطبيعة القانونية: وتظهر من خلال العلاقة بين الشخص والدولة، والتي يترتب عنها حقوق والتزامات متبادلة.
- الطبيعة السياسية: وتُعبّر عن انتماء الفرد إلى الدولة وولائه لها.
وقد أقرّ المشرع الجزائري نوعين من الجنسية: الجنسية الأصلية والجنسية المكتسبة.
الجنسية الجزائرية الأصلية
تنص المادة 06 من الأمر رقم 70-86 المؤرخ في 15 ديسمبر 1970، المعدّل والمتمم بالأمر 01-05 المؤرخ في 27 فبراير 2005، المتعلق بقانون الجنسية الجزائرية، على أنه:
"يُعتبر جزائريًا الولد المولود من أب جزائري وأم جزائرية."
كما نصّت المادة نفسها على أن يُعتبر من نفس الجنسية الجزائرية بالولادة:
"الولد المولود في الجزائر من والدين مجهولين، غير أن الولد المولود في الجزائر من أجنبية، وكان ينتمي إلى جنسية هذا الأجنبي وفقًا لقانون جنسية إحداهما.
الولد المولود في الجزائر من أب مجهول وأم مُسَمّاة في شهادة ميلاده دون بيانات أخرى تمكن من إثبات جنسيتها."
ومن خلال هاتين المادتين، يتضح أن الجنسية الأصلية تُكتسب إما:
- برابطة الدم: أي المولود من والدين جزائريين.
- برابطة الإقليم: أي المولود داخل إقليم الدولة.
الجنسية الجزائرية المكتسبة
يمكن للشخص الأجنبي أن يكتسب الجنسية الجزائرية إما عبر الزواج من جزائري أو جزائرية، أو عبر طلب التجنس.
أولًا: اكتساب الجنسية عن طريق الزواج
تنص المادة 09 من الأمر 70-86، المعدّل والمتمم بالأمر 01-05، على أنه:
"يمكن اكتساب الجنسية الجزائرية بالزواج من جزائري أو جزائرية، بموجب مرسوم، متى توفرت الشروط التالية:
1- أن يكون الزواج قانونيًا وقائمًا فعليًا منذ ثلاث (3) سنوات على الأقل عند تقديم طلب التجنس.
2- الإقامة المعتادة والمنتظمة بالجزائر مدة عامين (2) على الأقل.
3- التمتع بحسن السيرة والسلوك.
4- إثبات الوسائل الكافية للمعيشة.
يمكن ألا تُؤخذ بعين الاعتبار العقوبة الصادرة في الخارج."
ثانيًا: اكتساب الجنسية عن طريق طلب التجنس
تنص المادة 10 من نفس الأمر على أن الأجنبي يمكنه تقديم طلب لاكتساب الجنسية الجزائرية، بشرط:
"1- أن يكون مقيمًا في الجزائر أكثر من 7 سنوات على الأقل من تاريخ تقديم الطلب.
2- الإقامة بالجزائر وقت التوقيع على المرسوم الذي يمنح التجنس.
3- أن يكون الشخص بالغًا في سن الرشد.
4- أن تكون سيرته حسنة ولم يسبق الحكم عليه بعقوبة تخل بالشرف.
5- أن يثبت الوسائل الكافية لمعيشته.
6- أن يكون سليم الجسد والعقل.
7- أن يثبت اندماجه في المجتمع الجزائري."
ويُقدَّم الطلب إلى وزير العدل، الذي يحق له رفضه وفقًا للشروط الواردة في المادة 26 من نفس القانون.
فقدان الجنسية أو التجريد منها
الجنسية الجزائرية، سواء أكانت أصلية أو مكتسبة، قد تُفقد لسببين رئيسيين: الفقدان (أو التنازل) والتجريد.
أولًا: فقدان الجنسية (التنازل)
نصّت المادة 18 من الأمر 70-86، المعدّل بالأمر 01-05، على حالات فقدان الجنسية الجزائرية، ومنها:
"1- الجزائري الذي اكتسب عن طواعية في الخارج جنسية أجنبية وأذن له بموجب مرسوم في التخلي عن الجنسية الجزائرية.
2- الجزائري ولو كان قاصرًا، الذي له جنسية أجنبية أصلية وأذن له بموجب مرسوم في التخلي عن الجنسية الجزائرية.
3- المرأة الجزائرية المتزوجة بأجنبي وتكتسب جراء زواجها جنسية زوجها وأذن لها بموجب مرسوم في التخلي عن الجنسية الجزائرية.
4- الجزائري الذي يعلن تخليه عن الجنسية الجزائرية في الحالة المنصوص عليها في الفقرة 2 من المادة 17 أعلاه."
ثانيًا: التجريد من الجنسية
يتم التجريد من الجنسية في حال إخلال المتجنس بشروط اكتسابها، خاصةً إذا ارتكب أفعالًا تهدد مصالح الدولة. وتوضح المادة 22 من نفس القانون الحالات التي يجوز فيها سحب الجنسية:
"1- إذا صدر ضده حكم من أجل فعل جناية أو جنحة تمس بالمصالح الحيوية للجزائر.
2- إذا صدر ضده حكم في الجزائر أو في الخارج يقضي بعقوبة لأكثر من خمس (5) سنوات سجنًا من أجل جناية.
3- إذا قام لفائدة جهة أجنبية بأعمال تتنافى مع صفته كجزائري أو مضرة بمصالح الدولة الجزائرية.
ولا يترتب التجريد إذا كانت الأفعال المنسوبة إلى المعني قد وقعت خلال العشر (10) سنوات من تاريخ اكتساب الجنسية الجزائرية.
ولا يمكن إعلان التجريد عن الجنسية إلا خلال أجل خمس (5) سنوات اعتبارًا من تاريخ ارتكاب تلك الأفعال."
شرط التمتع بالحقوق الوطنية
إضافة إلى الجنسية، يشترط المشرع، وفق المادة 75 من الأمر 06-03، أن يتمتع المترشح بالحقوق الوطنية، وهي تشمل:
- التمتع بالحقوق المدنية والسياسية.
- أن تكون شهادة السوابق القضائية خالية من ملاحظات تتنافى مع الوظيفة المراد شغلها.
التمتع بالحقوق المدنية والسياسية
الحقوق المدنية والسياسية هي تلك التي تمنحها الدولة لمواطنيها، مثل الحق في الترشح للوظيفة العمومية، أو الشهادة أمام القضاء، أو المشاركة في الحياة العامة. وقد صنّف المشرع الجزائري الحرمان من هذه الحقوق ضمن العقوبات التكميلية في القانون رقم 06-23 المؤرخ في 20 ديسمبر 2006، المعدّل لقانون العقوبات.
ولذلك، فإن حرمان شخص من حقوقه المدنية يُفقد أهليته القانونية لتولي وظيفة عمومية، لأن منحه وظيفة في هذه الحالة يُعد تناقضاً في المراكز القانونية: نسلب منه حقاً ثم نعيده إليه عبر التعيين.
كما يُشترط في المترشحين أن يتميّزوا بالأخلاق الحميدة، مما يفرض على الإدارة إجراء تحقيق أولي حول سيرة المترشح قبل التوظيف. ومع ذلك، فإن هذا التحقيق ليس إلزاميًا لجميع الوظائف. إذ تنص المادة 77 من الأمر 06-03 على أنه:
"يمكن أن توضح القوانين الأساسية الخاصة عند الحاجة، نظرًا لخصوصيات بعض الأسلاك، شروط التوظيف المنصوص عليها في المادة 75 أعلاه. كما يمكنها أن تحدد الأسلاك التي يتوقف الالتحاق بها على إجراء تحقيق إداري مسبق."
ومن هنا، يظهر التحقيق الإداري بشكل خاص في الوظائف الحساسة، مثل تلك المتعلقة بالأمن الوطني والدفاع.
خلو شهادة السوابق القضائية من ملاحظات التنافي
يشترط أن تكون صحيفة السوابق القضائية خالية من الأحكام التي تتنافى مع طبيعة الوظيفة. فعلى سبيل المثال، لا يمكن تعيين شخص حُكم عليه بجريمة اختلاس في منصب محاسب بلدية.
وقد استحدث الأمر 06-03 هذا الشرط صراحةً، حيث جاء في الفقرة 03 من المادة 75:
"ألا تحمل شهادة سوابقه القضائية ملاحظات تتنافى مع ممارسة الوظيفة المراد الالتحاق بها."
ورغم أن النص لم يفصّل طبيعة هذه الملاحظات، فإن المادة 185 من نفس الأمر توضح أن الموظف الذي سُرّح تأديبيًا أو عُزِل لا يُعاد توظيفه في الوظيفة العمومية. كما يشير الدكتور سليمان الطماوي إلى أنه:
"1- أن يكون العامل قد فُصل من الخدمة بحكم أو بقرار تأديبي نهائي، مالم تمضِ على صدوره أربعة أعوام على الأقل، ويجب أن يكون الفصل لأسباب تنافي حسن السمعة، كالسرقة أو هتك العرض أو خيانة الأمانة... إلخ، وإلا كان المترشح غير صالح للتعيين حتى بعد مضي المدة المشار إليها.
2- أن يكون قد سبق الحكم عليه بعقوبة جنائية في إحدى الجرائم المنصوص عليها في قانون العقوبات أو ما يماثلها من جرائم منصوص عليها في القوانين الخاصة أو بعقوبة مقيدة للحرية مخلة بالشرف أو الأمانة، مالم يكن قد رد إليه اعتباره في الحالتين. ومع ذلك، فإذا كان الحكم مستمرًا ولا يوقف تنفيذ العقوبة، جاز تعيين العامل بعد مراقبة السلطة المختصة."
وتؤكد المادة 77 من الأمر 06-03 مرونة التطبيق، إذ تسمح للقوانين الأساسية الخاصة بتحديد الأسلاك التي تتطلب تحقيقًا إداريًا مسبقًا، مراعاةً لخصوصياتها.

ليست هناك تعليقات